Thursday, December 3, 2015

أنشودة ديسمبر


 مازالت رائحة ملابسه في أنفي ،
 ديسمبر ،  
سأنام الليلة عارية
بلا غطاء ،
تحوم حولي قطتي الصغيرة،

سأقاوم ألف فكرة
سأتذكر لحظة تخليت عن كل ما أؤمن به وجلست وحيدةً مع عقلي الصغير ، وساستمع إلي فيروز تشدو " أؤمن أن القلب الملقى في الأحزان يلقى الحنان ... كلي إيمان إيمان إيمان" ، أحبُ فيروز ، 
وسأخرج غداً ليلاً لا مبالية وأسير في برد شوارع مدينتي الخائفة ليلاً ، واستدل علي ذلك المقهي الصغير في شارعي الخيالي من خلال موسيقي فيفالدي " Winter " حتي أصل فأجلس على طاولتي المفضلة بجانب النافذة اتطلع إلي العابرين ، اتلصص علي العشاق الصغار واتسائل كيف هم هنا في هذا الوقت ، وابتسم وأنا أفكر في خطط دبروها للهروب من سطوة أهاليهم علي حبهم الوليد وأفكر أيضاَ كيف أدفئ يديّ الباردتين وقد نسيت قفازتي كالعادة ، ارتشف البيرة وأنا انظر مبتسمة لكل عابرً من خلف الزجاج ، لا يراني هو ، ولكن أراه واتسائل ، ربما هو حبي الجديد ؟
ما زال قلبي أخضر وأحلامي تملأ ساحات ، أحلامي تناسب ديسمبر ، رومنسيته تضفي عليها لمسة تحبها طبيعتي المتعقلة ، سأخرج ليلة رأس السنة إلى الشوارع وأرقص  وأفرح واحتضن يناير ، أحب البدايات ويروقني طعمها .




Winter - Vivaldi

Thursday, September 17, 2015

نهايات

احتاج إلى المزيد من الأوراق ، سجائري تنطفأ قبل أن أشعلها ، الوقت رغم ثقله في أحيان كثيرة هو في مجمله سريع ، سارق ، قاتل ، الأشياءُ كلها توشك علي النفاذ في تلك اللحظات حتى وإن بدا غير ذلك .

" أنا لن أغير العالم " ، " ماذا لو كنت الليلة في عشرينيات باريس؟ " ، " ماذا لو كنت ورقة صفراء في كتاب قديم مُلقى على رف لا يطل على كلماتي أحد ؟ " ، " هل يوجد في هذا الكون حقيقة واحدة أم أننا - جميعاً - متروكون لعقولنا التي قد تتسع أحياناً أيضاً للحقيقة وعكسها ؟، ليصدق كل امرئٍ ما يشاء ." ، كلها أفكار غير مكتملة تدور بداخلي وأخطها بيدٍ مرتخية لا مبالية فوق الورقات لعلها تكتمل في رأسي .
تكاد رأسي تنفجر ، متي تأتي النهاية وهل يجب أن أهابها ؟ ، ولمَ علي أن أفعل ، نخط النهايات يومياً بإختيارانا من دون أن ندري ، فكل بداية هي نهاية ، تولد النهاية كبداية كبيرة ثم تصغر حتي تكون نهاية ، تولد مليئة بالضحكات والآمال والليالي المُقمرة ثم تنتهي .
الجيد والسئ ، الجميل والقبيح ينتهي ، فماذا يبقي إذن ؟ ، أنا ؟ ، هل أنا أبقى ؟ في كل مرة يمر من أمام عيني حُلم كبقايا دخان يختفي سريعاً ، هل أبقى أنا ؟
وما أدراني أنني موجودة أصلاً ؟ ، أنا لستُ متأكدة أنني موجودة هنا وفي هذه اللحظة ، ماذا لو كنت أحلم الآن ؟ ، ماذا لو لم يكن لي كيان أصلاً ولست سوى صنع حلم شخصٍ هادئ العينين ينام مُضطرباً في زواية في مكانٍ لا أعرفه من العالم ، وما أنا إلا ترجمةٍ غير جيدة لجزءٍ مما في عقله الباطن ؟ ماذا لو تركني الآن وشأني فأعود إلى الفناء الجميل المُريح ؟ ، أعود إلى اللاشئ .

ربما أنا ورقة ،أنا أشبه كثيراً الورقة التي أخط عليها تلك الكلمات بيدٍ ثقيلة ،لو اشتعلت النار في جسدي الآن لن يختلف مصيري كثيراً عن تلك الورقة ، سوف تحرق كل ما في بهدوء تام ثم تنطفئ النار دون أن يشعر أحد ، تماماً كالورقة ، في مشهدٍ يبدو فاجعاً سريعاً مؤلماً ، ولكنني لا أهتم بالألم ، فالألم يخص من هم لديهم المزيد من الطاقة ليشعروا ، تلك هي أجمل لحظات حياتي .






Wednesday, July 1, 2015

وصول


كانت جلساتنا الليلية
قليلاً من الغزل ،
بعضاً من القُبل ،
وكثيراً من الكلام ،
كنت أتغذى علي جمال حديثه ،

أبجديته كانت مختلفة ،
أكبر مما خدعتني به الكتب طوال عمري
، كان يتكلم ويتكلم
وأقاطعه أنا كالطفل لديه ما يثبته
" نعم شاهدت فيلم يتحدث عن ذلك " ،
" قرأت عن ذلك في كتابٍ روسي ما " ،
كان يبتسم ويقبل رأسي ،
"أنتِ ذكية وجميلة" ،
كنت فقط أبتسم وأهز رأسي بالموافقة ،
كنت أنمو بداخلي .

قبل الظلام قليلاً
 
كنت أخرج
أقف بجانب الشجرة الكبيرة ،
فوق المنحدر المنخفض
الذي يسبق كهفنا الصغير ،
كان يظهر مع حمرة السماء،
رائحته ممتزجة بنسمات المغرب الخفيفة،
فاندفع نحوه، واقترب من شفتيه،
وأقبله طويلاً حتى تسري حرارته بباطني
وأشعر بدوار ثمالته ،
فيضمني إليه ويمرر يديه علي شعري
انتزعهما برفق وأقبلهما ،
فأتعلم وأعرف ،
هما المعرفة بحد ذاتها ، يداه..

هدأتُ ، رُوضتُ ،
تلاشى كفري بالحب والرب ،
وحشاً كان قد سكن بداخلي ..مات ،
لتنمو وردة حمراء تشبه وردته المفضلة ،
على فراش الحب،
كأي ملكة
 لم يسقط عني تاجي،
ولكن سقط غروري
 وتشبثي بما لا أعرفه ،
كنت بجماليون وكان جالاتيا التي لم أصنعها ،
ولكن تعثرت به
فأسقط عني ما حملته طيلة عمري من عبء قلبي
 الذي ضل الطريق ،
كنت أعلم تماماً أنني قد سقطت بالفعل ،
ولمست طعم الخسارة لأول مرة ،
وأنني باقية هنا للأبد
في ذلك الركن الدافئ من العالم الذي يحمل رائحته ،
أنا وأناملي التي تلونت بجلده الأسمر .

Wednesday, June 10, 2015

...

مرهق أن يصبح كل ما يربطك بخلوة ذاتك هي تلك الهواجس المتدفقة كحبات مطر أسود في أحلك ليالي الشتاء،
بالأمس انتظرتك بعد منتصف الليل ، كنت وحدي ووسواسى ، أردت أن أحدثك عن ذلك الخوف الذي أصبح يستوطن أحلامي ، عن الوجوه المشوهة والصراخ المكتوم والضحكات الباهتة ، ماذا أكتب لك الآن وأنا اعلم أني لست بخير ؟ لا استطيع أن أخبرك كم هم قاسٍ أن تشعر بالعري وملابسك تستر كل ما فيك ، أن تكون مجرداً ومفرغاً مثلي أنا ، لا تهزك وردة يتيمة علي حافة الطريق ، ولا تصل رائحة الأرصفة بعد المطر لتلك المنطقة السحيقة الجميلة في نفسك ، أن تيأس من الجمال بدخلك ،
أن تجتاحك تلك النوتات الموسيقية التي تسكن كل ما في جسدك ، لكنها مدونة بلغة منقرضة ولا مجال للعزف ، ألا يلفتك في المدينة غير زحامها وذبابها وصراخ الأطفال المزعج الغير مبرر، ولكنني لا أتحمل أن أشعر بأن كلماتك مكررة ولا مبالية ، ولا انتظر منك أن تحمي الحياة بداخلي
،  وأعلم أنك لو كنت هنا كانت الكلمات ستتكوم في حلقي وكنا سنصمت ونمشي سوياً بلا وجهة بلا هدف إلا أن نبقي معاً فحسب ، ممتنعين عن الكلام ، ممتنعين عن النظر ، ممتنعين عن العناق .
ولكن ربما أردتك بحّاراً علي مركبي التائه تلقي فوق كتفي شالاً حريراً وتلقي في النيران الحطب وتغني بجانب جسدي المتكوم حتي أنام ، أو خيمة تحتضن عظامي الرخوة وتحميني من عاصفة رمال تلك الصحراء اللامنتهية ، أنت لا هذا ولا ذاك ، تعالي كما أنت ولا تبالي ، سأنتظرك الليلة أيضاَ ، كن بخيرٍ لأجلي .

Saturday, June 6, 2015

* تصبحوا علي أي حاجة *


لم أعد أريد صوتاً ولا صدى ، لم أعد أريد شغفاً أو حلماً أو وطناً .. لم أعد أريد عقلي بكل ما يحمله من حرية أو رواسب مرتجفة -غالباً- مُطمئِنة ، لم أعد أقوي علي المتاهات أو الطرق الممهدة ، لم أعد أريد يقيني أو تشككي ، لم أعد أريد لحناً فرنسياً خمسينياً تهديه زهور الشرفات عصراً ، أو نوتة موسيقية مُدونة بلغة منقرضة تجتاح جسدي في الليل ، ولا صوت لها ، كل ما أريده هو عينان ، فقط عينان ، أنظر فيهما وأبكي ، أبكي.