وعندما تسربت ليلاً للحديقة العتيقة ، أبحثُ عن
شئٍ فقدته من أزمنةٍ وأزمنة ، وكان الجو ضبابياً ، و الرؤية عسيرة ، فلم أرَ قمراً
، ولم أرَ زهوراً ، فقط استدللت عليها من جرحٍ بقدمي ، باغتني خطٌ من نور و اخترق عنقي ، فمددت بصري ، وتتبعته حتي باب المغارة ، وهناك دلفتُ للمخزن القديم المنسي علي
أطراف المكان و الزمان ، أشعلت مصباحاً
بدائياً وجدته، و أخذت
استكشف المكان المُعبأ برائحة أظافري التي أكرهها ، تناولت كتاباً و نفضت غلافه
الترابي ، شعرت أن أصابعي مرت هنا ألف مرة ، كان يخصني ، خبئته في ثوبى و تابعت السير ..
قبّلت الخادم الهندي المُحنط في المخزن منذ مائة عام ، وضربت صداقة مع فتاة إفريقية لا تجيد سوي الإنتظار ،وأهديتها تميمتي الملكية ، اضرمت النيران في بدلة جدي العسكرية المكللة
بالنجوم والنياشين و أماكن حمل المدافعِ ، وسكبت ما تبقي من دمه السامي المعُبأ في
الزجاجة الذهبية الثمينة فشربه التراب ، وحطمت كل تاجٍ رأيته ، و مزقت ألف صورة
لأميرةٍ من كل عصر.
ثم
خرجت إلي الحديقة ، كان الجو ساحراً و الرؤية صافية و النجوم
تضوي ، و كانت أوراق الورد قد انثرت حولي ، وتسرب عطرها إلي مسام جلدي و أظافري، اغتسلت بنور القمر و جففت جسدي بالأوراق الخريفية ، وتمددت
في العشب متلحفةً السجادة الزرقاء من
فوقي ، وفي تلك الليلة لم افتقد فراشي الوردي، لم تزعجني نسمات الخريف القاسية ، ولم أطلب من جمادٍ أحمق أن يوقظني في السابعة ، لم أفكر في خطةٍ مُقدسةٍ للغد ، فقط نويت أن أخرج في الصباح لاتسكع في أروقة المدينة ، وأبحث عن حبيبٍ لا يملك
سوي بعض الأغنيات و قبلات الحب ..
