ولدي الغالي ، لا تخرج في عُرِس شبابك ، وأبقَ معي اليوم ، أبقَ يا ولدي !
فالذئابُ خلف الأبواب جائعة وقد التهمت خبز الصباحِ ، ما من أحد ينادي خلف النافذة ، فالرفاق يدورون داخل كؤوس ذهبية في قصر ملك الممالك ، ويُقدَّمون خمراً أحمراً للنبلاء .
ألقِ علي صدري رأسك و تجرع الحب في زجاجة بلاستيكية ، فالأنهارُ الجارية قد جفت أو صارت حمراء ، والعصفورة الرمادية لا تنتظرك عند السور ، منذ أن توقفت عن الغناء لها ، و القمر انطفأ نوره ، كان سارقاً و حاكمه إتحاد مُلاك الشموس..
ولون العشب قد زال ، زال ودُفن يا ولدي ..
أطفال القرية الذين كانوا يثيرون الصخب خلف الدار، ويطلقون البهجة في الأرجاء ،
لم يتقدموا في العمر وما عادوا أطفالاً ، صاروا مرتزقة أو أشلاء ، قتَّلة أو جثثاً بيضاء..
و حبيبتك _ يا حبيبي _ لا تجلس عند النبع في ثوب شفاف ، تنتظرك وتتخفي عن عيون نساء القرية ، حبيبتك علي الطرقات جريحة ، تنزف و تبكي و تلعق بلسانها الماء ..
لا تخرج للساحة ، فصديقك الشيخ الطيب يُجلد هناك ، لأنه رفض أن يدفع ضريبة الهواء ، و إلي يمينه لصاً سرق رغيفاً يحاكمه سارق الخبز
ويسأله في عنفٍ: كيف لك أن تجرؤ وتسعي للحياة ؟
وجدك العجوز لن ينتظرك في حقله
بعد أن أهالت حيواناته الوفية فوقه التراب..
أبقَ في حضني
فيكفي ما ملأ صدرك من رائحة الموت و عينيك من الدماء
أو أبقَ وحدك
وأحمل قلبك علي كفيك
و غنِ له أغنية ملساء
و نم تحت ما تبقي من ضوء المصباح
حتي نموت معاً بلا ضوضاء..
