استيقظت قبيل الفجر متعرقة الجسد ، جلست نصف ساعة علي طرف السرير دون أن أوجه نظري لساعة الريسفير الرقمية ، سمعت صوت نحيب أمي ولسبب ما تذكرت جدتي التي شاركتني هذا السرير لسنوات وحرصت دائماً علي نومي بجانب الحائط لأني منذ صغري كنت تلك الشخصية العبيطة التي توزع سندويتشات اللانشون وتقع من فوق السرير ، كما تذكرت كم شعرت بالضيق عندما عرفت أنها تبولت فوق سريري بعد أن مرضت ، وبكيت ،
كنت أنتظر الليل لأسمع حكاياتها ،كانت لا تشبه حكايات أمي المُكررة عن الشاطر حسن وحبيبته ، كانت تحكي لي عن حبيبها الأول وحياتها العشرينية ، وألمظ وعبده الحامولي ، وتصف لي ملامح الملكة فوزية وأناقتها عندما رأتها يوم افتتحت مستشفي المبرة ، وحكايات الغارات والهجرة وجارتها الحسودة والعودة بعد الحرب ،
قبل مرضها ، لم تتعدى زيارة لها أكتر من ثلاثة أيام رغم كل توسلاتي ومحاولاتي الباكية لإستبقائها وإخفاء " الصابوه " أو البروش الفضي ، كانت جميلة، كانت ترعبها فكرة أن تثقل على أحد ، وورثت ذلك عنها ،
عادةً ما أتذكر لحظات ومشاعر قليلة من أحلامي ، في أربع سنوات تذكرت ستة أحلام بعودتها للحياة بعد موتها وتعويضي لها بإندفاع عن لامبالاتي .
قطعت طريقي في الظلام إلي الصالة وجلست هناك بعد أن انقطعت الأصوات ، وعدت من جديد إلي لامبالتي تجاه كل ما يجري، ولكنني كنت ارتعش ، كنت خائفة ، لسبب ما فكرت في الله وارتعشت ، وشعرت بوحدتي هنا وخفت من وحدتي في حياة قادمة مُتوقَعة ، هرولت إلي الداخل وأغلقت الباب وأمسكت بالموبايل ولجأت إلي الموسيقي ، ولسبب ما سرب جيمس هورنر بأصابعه وهو يلعب for the love of a princess الطمأنينة إلي داخلي ، ونمت .


