Monday, June 10, 2019

قصيدة أولى



مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا اتّبع فراشة ضائعة وطائر رفض الهجرة وهندي أحمر مهزوم
فتهبط إلى قاع البركان وتحتل محور الإعصار تتوحد مع هيفيستوس
ولا تأبه بقبحه نتجرع حضارة تلو الأخرى أهمس في حنجرتك الصماء أهادن الإيمان لساعات أصرخ في تماثيل معبد الطوارئ لاحقني برج أجدادي المنتصب وقذف غضبه بداخل ثقوب أحلامي الجريحة مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا نلتقي عند الفنار نقصف هويتنا والڤلل الصيفية المهجورة بأحجار الشاطئ اتشبث بيديك نبحر يغرق كل منا على طريقته تجرف الأمواج جثتينا إلى أبعد نقطتين مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا نجري إلى الصحراء نتوه سويًا ينقذنا أهل واحتين متعاركتين ونمشي مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا ارتمي في المدى تحشر رأسك في حوض الدماء أكوم جسدي داخل المواسير تطلق لحيتك وتمتنع عن الاستحمام اتسرب في الأسلاك وأعرض أنوثتي على الشبكات تتسلق الأشجار وتتبرأ من الحضارات أعود إلى كهفي وأربط أطرافي تسلم نفسك لجهاز المدينة وتسقط عنك حب الشيخ إمام مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا أقطّع لحمي وجذوري وأندس وسط البروتينات تدعي النباتية وتقضمني سرًا فيلفظني جهازك المناعي. يركل طفلك حوضي بغلٍ أقتله وأقطر دماءه في عيني فلا تتجاذب مع حمضك النووي نمتزج فوق التلال وتحت يُتم الأشجار أقرؤك كنوتة موسيقية مدونة بالعبرية تقرؤني كنص مترجم لا يحمل أصلاً ثم يُقيم كلانا الآخر بكل حيادية لا توحد لا تماس لا شفقة مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية ولا تتقاطع طرقنا دهستني يد الله احتلال فوق احتلال تجثو فوق صدري ثلاث حقب استعمارية تتقطع أوصالي وأحبالي الصوتية يموت الأيمن فأحقن الكلمات في حلقي ينفلت الأيسر وتتطاير منه ثمان كلمات أطاردهم كالمجذوبة حتى لا يتسمم القمر وينفتح جرحك من جديد دم مرتبك يحترق عكس التيار لا أحاربه ترتبك عروقي أتفوه بكلمة من أحلامك أكشف سري لقد لاحقت عقلك منذ أن قُتل هابيل وهبطت إلى خط استواء أرض الخوف لا ارأف بجمالك أهرب من حلم اليقظة إلى الرهانات الخاسرة أخرج إلى الشارع في أخر الليل أدفن شعري المتساقط ورائحة الأواعي الفخارية العالقة بأظافري أسفل إشارة مرور قربانًا للأحلام الجماعية المجهضة فركت آثار الليل تحت عيني بأساطير الحب وسلمت رقبتي لكل حافة حادة لوترية فارسية تجاهلت نصائح أمي حشوت جوانبي بإرث ثلاثمائة ألف عام من الوحدة والخوف وألقيت بجسدي في حلة تصرخ سوائلها فنضجت من الخارج وتورد جلدي وبقى داخلي نِيئًا وساذجًا لا يسوّيه كذبًا مهترئًا مرقعًا بخيوط جدتي الريفية وصوت آذان المغرب ورائحة أكواب الشاي بالنعناع أغلقت أنت صندوق حنجرتك وألقيت بالمفتاح في منتصف قلبي قتلتني رقة زفير العزلة مائة ألف ميل من الأرصفة المتوازية
ولن تتقاطع طرقنا.