قلتُ:
سأُقبّل جفنك الأيسر
الجميل بشكل لا أحتمله
وأداعب أذيال الخيل
المنسدلة فوق رأسك
لمائة عام متواصلة.
إن باغتني النوم
سأجابه جسدي
بدمعتين مسرحيتين
دون أن أتلف تصفيف شعرك
إنْ كذبتني الأبدية
سأعود بالزمن
وأشوّه بنيتي القصيرة
لأمنح عينيك الغريقتين
كل ما حمّلني به رصيف بيتنا القديم
الذي لم يبدل ملابسه إلا يوم أخذنا الترحال.
أمنحُك الليلة الأولى
التي قضتها الصغيرة في غرفة منفصلة
انتهت زفتي لجدران الاستقلال
تُركت بابتسامة خلف باب الوحدة
وبرفق
سحبته أمي
في ظرف دقيقتين
كشف الظلام
عن كائنه الخرافي
ارتعدتُ
وابتلعتُ الصراخ
خوفًا من عقابه
أن أموت غارقة في دموعي
حقنني في قلبي
لم أتألم
تنفست بعمق
وطرقت الحديد فوق ركبتي
كانت ركبتي صغيرة
وكان سريري باردًا.
لم أنتبه عندما اندلق سوادُ شعري
بين أهوال الليل
فتنتي الأحجار الكريمة
الهاربة إلى الأعلى.
بكيت في ليلتي الأولى
لأن النجمة البعيدة جدًا
لم تجيبني عندما سألتها
لماذا لا أنام في غرفة أمي الليلة أيضًا؟
تلقيت درسًا مفاده
تعريف مفصل لمفهوم الانتظار
وقلت عندما تأتي
سينسحب الشوقُ من جسمي
وسأُقبّل جفنك الأيسر
الجميل بشكل لا أحتمله
وأداعب أذيال الخيل
المنسدلة فوق رأسك
لمائة عام متواصلة.
أما الليالي التالية
صار الأمر أسهل
كنت سائحة مستدامة
في منجم الليل
أنتظر رائحة الغروب
وأتسلق الشبابيك
تدعوني صديقاتي البكماوات
إلى بيتهن السحري
في إحدى الزيارات
تشعلق الذهب في عنقي
وفي ليلة أخرى
هاجمني القمر
وتعلق بأذني
أمي أخبرت صديقتها
أنها أهدتني تلك الحلى
كانت المرة الأولى
التي اختبر فيها بشريتها
أمنحُك الحلق والكردان
وضوء عيني
إن لم يشتبه الليل في قمره.
أمنحُك ليلة عيد ميلادي السادس عشر
كل هذا العمر
ما زال يبدو أبديًا
كل هذا الليل
تكوّن على ملابسي
واحتفل السواد بكيانه
على مرفأ جلدي الأبيض
في تلك الليلة انزلقت الحمرة من شفتي
فوق ملابسي
ظنّت الأم
أن جسد ابنتها غريب الأطوار
ينضح بالحب الأول
ظنّ الأب
أني حاربت معركتي الأولى
وقُتلت
ظن حبيبي الأول ممتعضًا
أنها دورتي الشهرية
أما شلالات الخوف بداخلي
كانت تحتفل بالحرية الوليدة
من كهوف الأوهام الطفولية
على صدري العاري
وساقيّ المستورتين
كانت سجوني في تلك اللحظات
تطوف البلاد عن أسرى جدد
عثرتْ عليهم وصفعتني.
حشوت صدريتي الأولى بالمناديل الورقية
وقطعت أذني كي أتجنب موسيقى الآحاد
سقط القمر على أرضية العزلة
اختل الكون بداخلي
كنت أصبو إلى عالم أكبر
وأحن إلى الصغيرة خلف باب الوحدة
واحتجتك لتسهر بجانبي
وأُقبّل جفنك الأيسر
الجميل بشكل لا أحتمله
وأداعب أذيال الخيل
المنسدلة فوق رأسك
لمائة عام متواصلة.
في عامي الثالث والعشرين
أقف على ضفة نهر السلام الزائف
يحطُّ الصغر فوق رأسي
وينفتح القبر تحت قدمي
انهالت فوقي عتمة السماء
وتفتت الليل بين أصابعي
تلاشيت بلا رحمة
أمام الفتنة
فوق كتفيك
انتحر صباي
يطاردني ملك الموت
فوق رموشك
ومن شقوق حائط كوخنا الصغير
وبين كلمات قصيدتك المفضلة
أحاول الهرب كمجرم محترف
أختبأ بين ريشات عصفورك الميت
أتشعلق على عواميد الإنارة
أجري من وحدة المسنين
في المدن الصناعية
أتسلق الحديد فوق فمك
لأمنح شفتيك الرشفة الأخيرة
لأن الموت قد أدرك ذاته في وجهي
أرحل
وشفتاي ملتصقة بجفنك
وأصابعي بين خصلات شعرك
لمائة عام وأكثر
لأن تلك القبلة لا تعني شيئًا
إلا في تلك اللحظة.
قلتُ وأنا أحتضر:
قبلت جفنك الأيسر
الجميل بشكل لا أحتمله
وداعبت أذيال الخيل
المنسدلة فوق رأسك
لمائة عام متواصلة.
