في البدء
نادى أحدهم أمه في مطلع أغنية
ليستقيم الشجن
في الأوتار المشدودة
وحول عنقي المشرئب لمودة الأرصفة
التف حبل كلماتٍ ساذج يتوق لعبق الجدران
في الأوتار المشدودة
وحول عنقي المشرئب لمودة الأرصفة
التف حبل كلماتٍ ساذج يتوق لعبق الجدران
وتقول أسطورتي أن
أحدهم هز النخلة التي أينعت أعلاها سيقاني
وأسقطني في بركة دمعية
جابهت أمواجها بفعل خبراتي في مسبح الحب
سوره كان نسيجياً
سكب من حولي حدود الكون
إلى أن خرجت مشيمتي
حينما لمحتها
حررت صرختي الأولى
وبكيت
لأنها كانت صغيرة جداً
وانهار عالمي بالكامل
لساعتين
ثم استيقظت على قاربٍ أخضر
له نفس رائحة مهجعي
فأنكر جسدي حياته السابقة
وعانق المدى بلهفة
بحرير مبللٍ بزيت الياسمين
نزعتْ شرنقة وحدتي في غياهب الرحم
ليحل الضوء في عيني
ولما رأيت الحنان
لم يكن يرتدي جسداً
بنهمٍ ارتشفت نوتاته الشحم
والجلد الشاب
والتنورة الزاهية
فوق التشوه الذي ألحقته بخصرها
جر غموض الظلال حواسي
بين الأصابع المائية
تغسل مجاهل الغابات
التي أنبتت كعوبي
صدفة في أرض غريبة
وفي حيرة كولومبس
عبرت إلى العالم الجديد بين ذراعيها
من بين جذور أسناني
سربت إلى أحشائي حليبَ القمر
والتقطت اسمها
من همهات البراري
ورافقتني لكهفي
تهادن الرموز
وتترجم الرسوم التجريدية
إلى إشارات حرارية
وتكبس قلقي بالمعجزة
ولمرة أخرى
تذبح
شرنقتي التي قُتلت بداخلها
على باب الواحة
التي نبتت من سرتي
وصار الفصل بيننا مُرهق
حتى في حبكة الكلام
أو أن ربما الشعر يهرب
كلما انطوى ذكرها
العرافة البلغارية تقول
أن الرجل الأول
لم يكن صادقاً كل الصدق
وُلد لامرأة جميلة
تجول الشرق
وتجره لاستكشاف الحب
في ضجر الجبال
وارتباك الميادين
واشتهاء الموت
وجال عمره
يعانق خيال الصغار
ويستخلص اللحن من فوهة صدره
وصمود البنيات القديمة
وعندما جفت السوائل حول قلبه
بدأ الكلام بأمه
وأنهاه بأمه.
وروت أيضًا
أنه في أول التاريخ
لمعت في عينيه فريسة خضراء
ومشى الشاب الأسود
تغازل عضلاته الرمال
وأخذته الهجرة
وأنضبته الصحراء
حتى تحللت أقدامه
وخر على باب كهفٍ
وبيدٍ تذوب
رسم يديها
ويديه
تخر دماً
يمتزج بخير ثدييها
وبكي ليومين
وهو ينادي أمه
ومات
تعثرت في غرامه
في فصل ما من تاريخ جسدي
ثم أرفقت أنا أيضاً أمي بألف كلمة وتهمة عاطفية
لأن مناداتها في أول الكلام
وفي وسط الساحة
وفي نهاية المتاهة
تشبه السفر ليلاً
تجلي الكحل عن جفني
وترسخ خيوط الشجن في صدري
